فصل: حرف الياء

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: فيض القدير شرح الجامع الصغير من أحاديث البشير النذير **


*2*  حرف الياء

9988 - ‏(‏يأتي على الناس زمان الصابر‏)‏ كذا بخط المصنف وفي رواية القابض ‏(‏فيهم على دينه كالقابض على الجمر‏)‏ شبه المعقول بالمحسوس أي الصابر على أحكام الكتاب والسنة يقاسى بما يناله من الشدة والمشقة من أهل البدع والضلال مثل ما يقاسيه من يأخذ النار بيده ويقبض عليها بل ربما كان أشد وهذا من معجزاته فإنه إخبار عن غيب وقد وقع‏.‏

- ‏(‏ت عن أنس‏)‏ بن مالك رضي اللّه عنه‏.‏

9989 - ‏(‏يأتي على الناس زمان يكون المؤمن أذل من شاته‏)‏ أي مقهوراً مغلوباً عليه فهو مبالغة في كمال الذلة والهوان لما هو محافظ عليه من الإيمان‏.‏

- ‏(‏ابن عساكر‏)‏ في تاريخه ‏(‏عن أنس‏)‏ بن مالك‏.‏

9990 - ‏(‏يؤجر المرء في نفقته كلها إلا في التراب‏)‏ أي في نفقته في البنيان الذي لم يقصد به وجه اللّه وقد زاد على ما يحتاجه لنفسه وعياله على الوجه اللائق فإنه ليس له فيه أجر بل ربما كان عليه وزر‏.‏

- ‏(‏ت عن خباب‏)‏ بفتح المعجمة وموحدتين أولاهما ساكنة ابن الأرت رمز المصنف لصحته‏.‏

9991 - ‏(‏يؤم القوم أقرؤهم للقرآن‏)‏ خبر بمعنى الأمر فإن كانوا في القراءة سواء فأعلمهم بالسنة فإن كانوا في السنة سواء فأقدمهم هجرة فإن كانوا في الهجرة سواء فأقدمهم إسلاماً قال البغوي‏:‏ لم يختلفوا في أن القراءة والفقه مقدمان على غيرهما واختلف في فقه مع قراءة فقدم أبو حنيفة القراءة وعكس الشافعي ومالك لأن الفقه يحتاج إليه في سائر الأركان والقراءة في ركن واحد وإنما نص في الخبر على الأقرأ لأنه كان أعلم لتلقي الصحب القرآن بأحكامه وقال القاضي‏:‏ إنما قدم المصطفى صلى اللّه عليه وسلم الأقرأ على الأعلم لأن الأقرأ في زمنه كان أفقه أما لو تعارض فضل القراءة وفضل الفقه فيقدم الأفقه وعليه أكثر العلماء لأن احتياج المصلي إلى الفقه أكثر وأمس من حاجته للقراءة لأن ما يجب في الصلاة من القراءة محصور وما يقع فيها من الحوادث غير محصور فلو لم يكن فقيهاً فائقاً فيه كثيراً ما يعرض له في صلاته ما يقطعها عليه وهو غافل عنه‏.‏

- ‏(‏حم عن أنس‏)‏ بن مالك رمز لحسنه قال الهيثمي‏:‏ رجاله موثقون اهـ، وقضية صنيع المصنف أن هذا لم يخرج في أحد الصحيحين والأمر بخلافه فقد خرجه مسلم في صحيحه بلفظ يؤم القوم أقرؤهم لكتاب اللّه وكذا أبو داود والترمذي وعلقه البخاري‏.‏

9992 - ‏(‏يبصر أحدكم القذى في عين أخيه‏)‏ في الإسلام جمع قذاة وهي ما يقع في العين والماء والشراب من نحو تراب وتبن ووسخ ‏(‏وينسى الجذع‏)‏ واحد جذوع النخل ‏(‏في عينه‏)‏ كأن الإنسان لنقصه وحب نفسه يتوفر على تدقيق النظر في عيب أخيه فيدركه مع خفائه فيعمى به عن عيب في نفسه ظاهر لا خفاء به مثل ضرب لمن يرى الصغير من عيوب الناس ويعيرهم به وفيه من العيوب ما نسبته إليه كنسبة الجذع إلى القذاة وذلك من أقبح القبائح وأفضح الفضائح فرحم اللّه من حفظ قلبه ولسانه ولزم شأنه وكف عن عرض أخيه وأعرض عما لا يعنيه فمن حفظ هذه الوصية دامت سلامته وقلت ندامته فتسليم ‏[‏ص 457‏]‏ الأحوال لأهلها أسلم واللّه أعلى وأعلم وللّه در القائل‏:‏

أرى كل إنسان يرى عيب غيره * ويعمى عن العيب الذي هو فيه

فلا خير فيمن لا يرى عيب نفسه * ويعمى عن العيب الذي بأخيه

وما ذكر من أن الحديث هكذا هو ما وقفت عليه في نسخ وذكر ابن الأثير أن سياق الحديث ‏"‏يبصر أحدكم القذاة في عين أخيه ولا يبصر الجذل في عينه‏"‏ قالوا والجذل بالكسر والفتح أصل الشجر يقطع وقد يجعل اللّه العود جذلاً‏.‏

<تنبيه>

هذا الحديث مثل من أمثال العرب السائرة المتداولة وروي عنهم بألفاظ مختلفة فمنها أن رجلاً كان صلب أبوه في حرب ثم تناول آخر وعابه فقال له الآخر‏:‏ يرى أحدكم القذاة في عينه ولا يرى الجذع معترضاً في أست أبيه وفي لفظ تبصر القذاة في عين أخيك وتدع الجذع المعترض في حلقك وفي لفظ في أستك وفي لفظ في عينك فكل هذا أمثال متداولة بينهم‏.‏

- ‏(‏حل‏)‏ وكذا القضاعي ‏(‏عن أبي هريرة‏)‏ قال العامري‏:‏ حسن‏.‏

9993 - ‏(‏يبعث الناس على نياتهم‏)‏ قال الداودي‏:‏ معناه أن الأمم تعذب ومعهم من ليس منهم فيصاب جميعهم بآجالهم ثم يبعثون على أعمالهم فالطائع عند البعث يجازي بعمله والعاصي تحت المشيئة قال ابن حجر‏:‏ والحاصل أنه لا يلزم من الاشتراك في الهلاك الاشتراك في الثواب أو العقاب بل يجازي كل أحد على حسب نيته‏.‏

- ‏(‏حم عن أبي هريرة‏)‏ رمز المصنف لصحته‏.‏

9994 - ‏(‏يبعث كل عبد على ما مات عليه‏)‏ أي على الحال التي مات عليها من خير وشر قال الهروي‏:‏ وليس قول من ذهب به إلى الأكفان بشيء لأن الإنسان إنما يكفن بعد الموت ثم هذا الحديث يوضحه حديث أبي داود عن ابن عمر وقيل‏:‏ يا رسول اللّه أخبرني عن الجهاد والغزو قال‏:‏ إن قتلت صابرا محتسباً بعثت صابراً محتسباً وإن قتلت مرائياً مكاثراً بعثت مرائياً مكاثراً على أي حال قاتلت أو قتلت بعثك اللّه بتلك الحال، وفي حديث أبي هريرة عن أنس مرفوعاً من مات سكراناً فإنه يعاين ملك الموت سكراناً ويعاين منكراً ونكيراً سكراناً ويبعث يوم القيامة سكراناً إلى خندق في وسط جهنم يسمى السكران، قال عياض‏:‏ أورد مسلم هذا الحديث عقب حديث لا يموتن أحدكم إلا وهو يحسن الظن باللّه مشيراً إلى أنه مفسر له ثم أعقبه بحديث ثم بعثوا على أعمالهم مشيراً إلى أنه وإن كان مفسراً لما قبله لكنه عام فيه وفي غيره‏.‏

- ‏(‏م عن جابر‏)‏ ووهم الحاكم حيث استدركه‏.‏

9995 - ‏(‏يتجلى لنا ربنا ضاحكاً‏)‏ أي يظهر لنا وهو راض عنا ويتلقانا بالرحمة والرضوان والسرور والأمان ‏(‏يوم القيامة‏)‏ تمامه عند مخرجه الطبراني عن أبي موسى حتى ينظروا إلى وجهه فيخرون له سجداً فيقول ارفعوا رؤوسكم فليس هذا يوم عبادة اهـ‏.‏ بنصه قال الخطابي‏:‏ الضحك الذي يعتري البشر عند الفرح والطرب محال على الحق تقدس وإنما هذا مجاز عن رضاه عنهم وإقباله عليهم والكرام يوصفون بالبشر وحسن اللقاء عند القدوم عليهم‏.‏

<تنبيه>

قال المؤلف وغيره‏:‏ من خصائص هذه الأمة أنه تعالى يتجلى عليهم فيرونه ويسجدون له بإجماع أهل السنة وفي الأمم السابقة احتمالان لابن أبي جمرة قال المؤلف‏:‏ ورأيت بخط الزركشي عن غرائب الأصول لمسلمة بن القاسم أن حديث تجلى اللّه يوم القيامة ومجيئه في الظلل محمول على أنه تعالى يغير أبصار خلقه حتى يرونه كذلك وهو على عرشه غير متغير عن عظمته ولا متنقل عن ملكه كذا جاء عن الماجشون قال‏:‏ فكل حديث جاء في التنقل والرؤية في المحشر معناه أنه ‏[‏ص 458‏]‏ يغير أبصار خلقه فيرونه نازلاً ومتجلياً ويناجي خلقه ويخاطبهم وهو غير متغير عن عظمته ولا متنقل ليعلموا أن اللّه على كل شيء قدير‏.‏

- ‏(‏طب‏)‏ وكذا تمام في فوائده ‏(‏عن أبي موسى‏)‏ الأشعري رمز المصنف لحسنه قال الحافظ العراقي‏:‏ وفيه علي بن زيد بن جذعان وهذا الحديث موجود في مسلم بلفظ فيتجلى لهم يضحك‏.‏

9996 - ‏(‏يترك الكاتب الربع‏)‏ يعني يلزم السيد أن يحط عن المكاتب بعض النجوم والأولى كونه الربع وقت الوجوب قبل العتق‏.‏

- ‏(‏ك عن علي‏)‏ أمير المؤمنين‏.‏

9997 - ‏(‏يجزئ من الوضوء مد ومن الغسل صاع‏)‏ قال الشافعي وأحمد‏:‏ ليس معناه أنه لا يجزئ أكثر ولا أقل بل هو قدر ما يكفي إذا وجد الشرط وهو جري الماء على العضو وعمومه أجزأ قل أم كثر لكن السنة أن لا ينقص في الوضوء عن مد والغسل عن صاع‏.‏

- ‏(‏ه‏)‏ من حديث عبد اللّه بن محمد بن عقيل بن أبي طالب عن أبيه ‏(‏عن‏)‏ جده ‏(‏عقيل‏)‏ بن أبي طالب الهاشمي صحابي عالم بالنسب رمز لحسنه قال مغلطاي في شرح ابن ماجه‏:‏ إسناده فيه ضعف لكن له طرق باعتبار مجموعها يكون حسناً قال ابن القطان‏:‏ وقد وجدت لهذا المعنى إسناداً صحيحاً عند ابن السكن بلفظ يجزئ من الوضوء المد ومن الجنابة الصاع فقال رجل لراويه جابر‏:‏ ما يكفيني فقال‏:‏ قد كفى من هو خير منك وأكثر شعراً اهـ هذا بلفظه خرجه الحاكم في مستدركه وقال‏:‏ على شرطهما وأقره عليه الذهبي وعقيل هذا أخو عليّ كرم اللّه وجهه وهو أكبر من علي بعشرين سنة وكان نسابة أخبارياً ومن لطائف إسناد هذا الحديث أنه من رواية الرجل عن أبيه عن جده‏.‏

9998 - ‏(‏يجزئ من الوضوء رطلان من ماء‏)‏ قال جمع‏:‏ والإجزاء يعم الواجب والمندوب رخصه آخرون بالواجب واعتمده المازري ونصره الأصفهاني والقرافي لكن استبعده السبكي وقال‏:‏ قضية كلام الفقهاء أن المندوب يوصف بالإجزاء كالفرض‏.‏

- ‏(‏ت عن أنس‏)‏ بن مالك وفيه عبد اللّه بن عيسى البصري قال في الكاشف‏:‏ ضعفوه‏.‏

9999 - ‏(‏يجزئ من السواك الأصابع‏)‏ إذا كانت خشنة لحصول مسمى الدلك والاتقاء بها وبهذا أخذ جمع وقد جوز الشافعية السواك بأصبع غيره الخشنة وحكوا في أصبع نفسه أوجهاً المشهور المنع والثاني الجواز واختاره في المجموع والثالث الجواز عند فقد غيرها فقط ولم يفرق بقية المذاهب بين أصبعه وأصبع غيره‏.‏

- ‏(‏الضياء‏)‏ في المختارة ‏(‏عن أنس‏)‏ بن مالك وقال‏:‏ إسناده لا بأس به اهـ ورواه البيهقي عنه أيضاً وضعفه وتبعه مغلطاي وقال ابن حجر في تخريج الرافعي‏:‏ رواه ابن عدي والدارقطني والبيهقي من حديث ابن المثنى عن النضر عن أنس وفي إسناده نظر وكثير ضعفوه اهـ وقال في تخريج الهداية‏:‏ ذكره البيهقي من طرق ووهاها وقد صحح أيضاً بعض طرقه‏.‏

10000 - ‏(‏يجير على أمتي‏)‏ وفي رواية بدله على الناس ‏(‏أدناهم‏)‏ أي إذا أجار واحد من المسلمين ولو عبداً واحداً أو جمعاً من الكفار وأمنهم جار على جميع المسلمين وفي رواية لأبي يعلى وغيره يجير على المسلمين‏.‏

- ‏(‏حم ك عن أبي هريرة‏)‏ قال الهيثمي‏:‏ فيه رجل لم يسم وبقية رجال أحمد رجال الصحيح اهـ وقضية صنيع المصنف أن ذا لم يخرج في أحد دواوين الإسلام وليس كذلك فقد رواه أبو داود في الجهاد والزكاة والديات وغيرها لكنه في أثناء حديث طويل فلعل المصنف لم يتنبه له ورواه مستقلاً باللفظ المزبور الطيالسي وغيره‏.‏

10001 - ‏(‏يحب اللّه العامل إذا عمل أن يحسن‏)‏ وفي رواية أن يتقن عمله فعلى الصانع الذي استعمله اللّه في الصورة والآلات والعدد مثلاً أن يعمل بما علمه عمل إتقان وإحسان بقصد نفع خلق اللّه واحتمل أن المراد يحب من العامل بالطاعة أن يحسنها بإخلاص واستيفاء للشروط والأركان والآداب‏.‏

- ‏(‏طب عن كليب‏)‏ مصغراً ‏(‏ابن شهاب‏)‏ الجرمي والد عاصم له ولأبيه صحبة‏.‏

10002 - ‏(‏يحرم‏)‏ بالضم وشد الراء المكسورة وروي بالفتح وضم الراء ‏(‏من الرضاعة‏)‏ وفي رواية من الرضاع قال جمع من العلماء‏:‏ يستثنى أربع نسوة تحرمن من النسب مطلقاً وفي الرضاع قد لا يحرمن‏:‏ الأولى أمّ الأخ في النسب حرام لأنها إما أم أو زوج أب، الثانية أم الحفيد حرام في النسب لأنها أمّ بنت أو زوج ابن، الثالثة جدة الولد في النسب حرام لأنها أمّ زوجة، الرابعة أخت الولد حرام في النسب لأنها بنت أو ربيبة وفي الرضاع قد يكون الأربع الأجنبيات وزاد بعضهم أم العم وأم العمة وأم الخال وأم الخالة فيحرمن من النسب لا الرضاع قال بعضهم‏:‏ التحقيق أنه لا يستثنى شيء من ذلك لأنهن لم يحرمن من النسب بل من جهة المصاهرة ‏(‏ما يحرم من النسب‏)‏ ويباح من الرضاع ما يباح من النسب‏.‏

- ‏(‏حم ق د ن ه‏)‏ في النكاح ‏(‏عن عائشة‏)‏ قالت‏:‏ يا رسول اللّه لو كان فلان حياً لعمها من الرضاعة دخل عليّ قال نعم ذكره ‏(‏حم م ن ه عن ابن عباس‏)‏ ورواه أحمد عن عائشة باللفظ المزبور وزاد من خال أو عم أو ابن أخ، قال الهيثمي‏:‏ رجاله رجال الصحيح‏.‏

10003 - ‏(‏يخرب الكعبة‏)‏ بضم الياء وفتح الخاء المعجمة وشد الراء المكسورة من التخريب والجملة فعل ومفعول والفاعل قوله ‏(‏ذو السويقتين‏)‏ بضم السين وفتح الواو تثنية سويقة مصغراً للتحقير ‏(‏من الحبشة‏)‏ بالتحريك نوع معروف من السودان يقال إنهم من ولد حبش بن كوش بن حام قال ابن دريد‏:‏ جمع الحبش أحبوش بضم أوله وأما قولهم الحبشة فعلى غير قياس وأصل التحبيش التجميع ومن للتبعيض أي يخربها ضعيف من هذه الطائفة إشارة إلى أن الكعبة المعظمة يهتك حرمتها حقير نضو الخلق وإنما سلط عليها ولم يحبس عنها كالفيل لأن هذا إنما هو قرب الساعة عند فناء أهل الحق فسلط على تخريبها لئلا تبقى مهانة معطلة بعد ما كانت مهابة مبجلة ومن هذا التقرير استبان أنه لا تعارض بين هنا وقوله تعالى ‏{‏حرماً آمناً‏}‏ الأمن إلى قرب القيامة وخراب الدنيا كما تقرر وقضية كلام المصنف أن هذا هو الحديث بتمامه والأمر بخلافه بل بقيته عند الشيخين فيسابها حليتها ويجردها من كسوتها كأني أنظر إليه أصيلع أفيدع يضرب عليها بمسحاته أو بمعوله هكذا عزاه لهما جمع منهم الديلمي‏.‏

- ‏(‏ق ن عن أبي هريرة‏)‏‏.‏

10004 - ‏(‏يد اللّه على‏)‏ وفي رواية ‏(‏الجماعة‏)‏ أي حفظه ووقايته وكلاءته عليهم‏.‏ قال الزمخشري‏:‏ يعني أن جماعة أهل الإسلام في كنف اللّه ووقايته فوقهم فأقيموا في كنف اللّه بين ظهرانيهم ولا تفارقوهم اهـ، وقال الطيبي‏:‏ معنى على كمعنى فوق في آية ‏{‏يد اللّه فوق أيديهم‏}‏ فهو كناية عن النصرة والغلبة لأن من تابع الإمام الحق فكأنما تابع اللّه ومن تابع اللّه نصره وخذل أعداءه أي هو ناصرهم ومصيرهم غالبين على من سواهم اهـ‏.‏ وقال ابن عربي‏:‏ حكمة ذلك أن اللّه لا يعقل إلهاً إلا من حيث أسمائه الحسنى لا من حيث هو معرى عنها فلا بد من توحيد عينه وكثرة أسمائه وبالمجموع ‏[‏ص 460‏]‏ هو الإله فيد اللّه وهي القوة مع الجماعة‏.‏ أوصى حكيم أولاده عند موته فقال‏:‏ إيتوني بجماعة عصى فجمعها وقال‏:‏ اكسروها مجموعة فلم يقدروا ففرقها وقال‏:‏ اكسروها ففعلوا فقال‏:‏ هكذا أنتم لن تغلبوا ما اجتمعتم فإذا تفرقتم تمكن منكم العدوّ وكذا القائلون بالدين إذا اجتمعوا على إقامة الدين ولم يتفرقوا فيه لم يقهرهم عدوّ وكذا الإنسان في نفسه إذا اجتمع في نفسه على إقامة دين اللّه لم يغلبه شيطان من إنس ولا جن بما يوسوس به إليه مع مساعدة الإيمان والملك تلميذ له وقضية كلام المصنف أن هذا هو الحديث بتمامه والأمر بخلافه بل بقيته عند مخرجه الترمذي ومن شذ شذ إلى النار اهـ بنصه، ورواه الطبراني بلفظ يد اللّه مع الجماعة والشيطان مع من خالف يركض ورجاله كما قال الهيثمي ثقات‏.‏

- ‏(‏ت‏)‏ في الفتن ‏(‏عن ابن عباس‏)‏ قال الترمذي‏:‏ غريب لا نعرفه عن ابن عباس إلا من هذا الوجه وقد رمز المصنف لحسنه وليس بمسلم فقد قال الصدر المناوي‏:‏ فيه سلمان بن سفيان المدني ضعفوه وقال غيره‏:‏ فيه إبراهيم بن ميمون قال ابن حجر‏:‏ لكن له شواهد كثيرة منها موقوف صحيح‏.‏

10005 - ‏(‏يدخل الجنة أقوام أفئدتهم‏)‏ أي قلوبهم ‏(‏مثل أفئدة الطير‏)‏ في رقتها ولينها كما في خبر أهل اليمن أرق أفئدة أي أنها لا تحمل أشغال الدنيا فلا يسعها الشيء وضده كالدنيا والآخرة أو في التوكل كقلوب الطير تغدو خماصاً وتروح بطاناً وفي الهيبة والرهبة لأن الطير أفزع شيء وأشد الحيوان خوفاً لا يطبق حبساً ولا يحتمل إشارة هكذا أفئدة هؤلاء مما حل بها من هيبة الحق وخوف جلال اللّه وسلطانه لا يطيق حبس شيء يبدو من آثار القدرة ألا ترى أن المصطفى صلى اللّه عليه وسلم كان إذا رأى شيئاً من آثارها كغمام فزع فإذا أمطرت سرى عنه وسمع إبراهيم بن أدهم قائلاً يقول كل ذنب مغفور سوى الإعراض عنا فسقط مغمي عليه وسمي علي بن الفضيل قتيل القرآن وعليه فمعنى يدخل الجنة إلخ أي الذين هم للّه خائفون وله مجلون ولهيبته خاضعون ومن عذابه مشفقون‏.‏

- ‏(‏حم م عن أبي هريرة‏)‏‏.‏

10006 - ‏(‏يدور المعروف على يد مئة رجل آخرهم فيه كأولهم‏)‏ أي في حصول الأجر له فالساعي في الخير كفاعله ومر ما يعلم منه أن حصول الأجر لهم على هذا النحو لا يلزم التساوي في المقدار‏.‏

- ‏(‏ابن النجار‏)‏ في تاريخه ‏(‏عن أنس‏)‏ بن مالك ظاهر حال المصنف أنه لم يره لأشهر ولا أقدم ولا أحق بالعزو من ابن النجار وإلا لما عدل إليه واقتصر عليه مع أن الطيالسي خرجه وكذا الديلمي باللفظ المزبور عن أنس‏.‏

10007 - ‏(‏يذهب الصالحون‏)‏ أي يموتون ‏(‏الأول فالأول‏)‏ أي قرن فقرن‏.‏ قال أبو البقاء‏:‏ يجوز رفعه على الصفة أو البدل ونصبه على الحال وجاز ذلك وإن كان فيه الألف واللام لأن الحال ما يتخلص من المكر لأن التقدير ذهبوا مترتبين اهـ‏.‏ قال الزركشي‏:‏ وهل الحال الأول أو الثاني أو المجموع منهما خلاف كالخلاف في هذا حلو حامض لأن الحال أصلها الخبر وقال الطيبي‏:‏ الفاء للتعقيب ولا بد من تقدير أي الأول منهم فالأول من الباقين منهم وهكذا حتى ينتهي إلى الحثالة والأول بدل من الصالحون، وفي رواية يذهب الصالحون أسلافاً ويقبض الصالحون الأول فالأول، والثانية تفسير للأولى قال القرطبي‏:‏ وأراد بهم من أطاع اللّه وعمل بما أمر به وانتهى عما نهى عنه ‏(‏وتبقى حفالة‏)‏ بضم الحاء المهملة وفاء وروي حثالة بثاء مثلثة وهما الرديء والفاء والثاء كثيراً ما يتعاقبان ‏(‏كحفالة‏)‏ بالفاء أو بالمثلثة على ما تقرر ‏(‏الشعير أو‏)‏ يحتمل الشك ويحتمل التنويع ذكره ابن حجر ‏(‏التمر‏)‏ أي كرديئهما والمراد سقط الناس ومن هذا أخذ ابن مسعود ‏[‏ص 461‏]‏ قوله فيما رواه أبو نعيم وغيره يذهب الصالحون أسلافاً ويبقى أهل الريب ممن لا يعرف معروفاً ولا ينكر منكراً ‏(‏لا يباليهم اللّه تعالى بالة‏)‏ أي لا يرفع لهم قدراً ولا يقيم لهم وزناً والمبالاة الاكتراث ويعدى بالباء وعن وبنفسه وبالة مصدر لا يبالي وأصله بالية كمعافاة وعافية حذفت الياء تخفيفاً ذكره القاضي البيضاوي وأذن بأن موت الصالحين من الأشراط وبأن الاقتداء بأهل الخير محبوب وجوّز خلو الأرض من عالم حتى لا يبقى إلا الجهل‏.‏

- ‏(‏حم خ عن مرداس‏)‏ بكسر الميم وسكون الراء وفتح المهملة أيضاً ابن مالك ‏(‏الأسلمي‏)‏ من أصحاب الشجرة شهد الحديبية وفي الباب المستورد وغيره‏.‏

10008 - ‏(‏يرث الولاء من يرث المال‏)‏ قضية صنيع المصنف أن هذا هو الحديث بتمامه والأمر بخلافه بل بقيته عند مخرجه الترمذي من ولد أو والد‏.‏

- ‏(‏ت‏)‏ في الفرائض ‏(‏عن ابن عمرو‏)‏ بن العاص قال الترمذي‏:‏ إسناده ليس بالقوي اهـ‏.‏ وجزم البغوي بضعفه وذلك لأن فيه ابن لهيعة‏.‏

10009 - ‏(‏يستجاب لأحدكم‏)‏ أي لكل واحد منكم في دعائه ‏(‏ما لم يعجل يقول‏)‏ هذا استئناف بيان لاستعجاله في الدعاء أي يقول بلفظه أو في نفسه، وفي رواية مسلم فيقول قد ‏(‏دعوت‏)‏ وفي رواية له أيضاً قد دعوت ربي ‏(‏فلم يستجب لي‏)‏ والمراد أنه يسأم فيترك الدعاء فيكون كالمانِّ بدعائه أو أنه أتى من الدعاء بما يستحق به الإجابة فيصير كالمبخل لربه، وفيه حث على ترك استعجال الإجابة‏.‏

- ‏(‏ف د ت ه‏)‏ في الدعاء ‏(‏عن أبي هريرة‏)‏ ظاهره أن النسائي لم يروه، لكن الصدر المناوي عزاه للجماعة جميعاً‏.‏

10010 - ‏(‏يسروا‏)‏ بفتح فتشديد أي خذوا بما فيه التيسير على الناس بذكر ما يؤلفهم لقبول الموعظة في جميع الأيام لئلا يثقل عليهم فينفروا وذلك لأن التيسير في التعليم يورث قبول الطاعة ويرغب في العبادة ويسهل به العلم والعمل ‏(‏ولا تعسروا‏)‏ لا تشدّدوا أردفه بنفي التعسير مع أن الأمر بشيء نهي عن ضدّه تصريحاً لما لزم ضمناً للتأكيد ذكره الكرماني وأولى منه قول جمع عقبه به إيذاناً بأن مراده نفي التعسير رأساً ولو اقتصر على يسر والصدق على كل من يسر مرة وعسر كثيراً كذا قرره أئمة هذا الشأن ومنهم النووي وغيره وبه يعرف أن لا حاجة لما تكلفه المولى ابن الكمال حيث قال‏:‏ أراد بالتعسير التهيئة كخبر كل ميسر لما خلق له فلا يكون قوله ولا تعسروا تأكيداً بل تأسيساً اهـ وأنت خبير بأنه مع عدم دعاء الحاجة إليه لا يلائمه السياق بل ينافره ‏(‏وبشروا‏)‏ بفضل اللّه وعظيم ثوابه وجزيل عطائه وسعة رحمته وشمول عفوه ومغفرته من التبشير وهو إدخال السرور، والبشارة الإخبار بخبر سار، وقوله بشروا بعد قوله يسروا فيه جناس خطي ولم يكتف به بل أردفه بقوله ‏(‏ولا تنفروا‏)‏ لما مرّ وهو من التنفير أي لا تذكروا شيئاً تنهزمون منه ولا تصدروا بما فيه الشدة وقابل به بشروا مع أن ضد البشارة النذارة لأن القصد من النذارة التنفير فصرح بالمقصود منها ومن جعل معنى يسروا اصرفوا وجوه الناس إلى اللّه في الرغبة فيما عنده وردوه في طلب الحوائج إليه ودلوهم في كل أحوالهم ومعنى لا تعسروا لا تردوهم إلى الناس في طلب ما يحتاجونه فقد صرف اللفظ عن ظاهره بلا ضرورة وهذا الحديث كما قال الكرماني وغيره من جوامع الكلم لاشتماله على الدنيا والآخرة لأن الدنيا دار العمل والآخرة دار الجزاء فأمر المصطفى صلى اللّه عليه وسلم فيما يتعلق بالدنيا بالتسهيل وفيما يتعلق بالآخرة بالوعد بالجميل والإخبار بالسرور تحقيقاً لكونه رحمة للعالمين في الدارين وفيه الأمر بالتيسير بسعة الرحمة والنهي عن التنفير بذكر التخويف أي من غير ضمه إلى التبشير وتأليف من قرب إسلامه وترك التشديد عليه والأخذ بالأرفق ‏[‏ص 462‏]‏ وتحسين الظن باللّه لكن لا يجعل وعظه كله رجاء بل يشوبه بالخوف فيجعلها كأدنى حافر والعلم والعمل كجناحي طائر‏.‏

- ‏(‏حم ق ن عن أنس‏)‏ بن مالك ورواه البخاري وغيره عن أبي موسى الأشعري وذكر أنه قال ذلك له ولمعاذ لما بعثهما إلى اليمن وزاد بعد ما ذكر هنا وتطاوعا ولا تختلفا قال أبو البقاء‏:‏ وإنما قال يسروا بالجمع مع أن المخاطب اثنان لأن الاثنين جمع في الحقيقة إذ الجمع ضم شيء إلى شيء أو يقال إن الاثنين أميران والأمير إذا قال شيئاً توقع قبول الأمر إلى الجمع أو أراد أمرهما وأمر من يوليانه‏.‏

10011 - ‏(‏يشفع يوم القيامة ثلاثة الأنبياء ثم العلماء ثم الشهداء‏)‏ قال القرطبي‏:‏ فأعظم بمنزلة هي بين النبوة والشهادة بشهادة المصطفى صلى اللّه عليه وسلم ولما كان العلماء يحسنون إلى الناس بعلمهم الذي أفنوا فيه نفائس أوقاتهم أكرمهم اللّه تعالى بولاية مقام الإحسان إليهم في الآخرة بالشفاعة فيهم جزاءاً وفاقاً وقد أخذ بقضية هذا الخبر جمع جم فصرحوا بأن العلم أفضل من القتل في سبيل اللّه لأن المجاهد وكل عامل إنما يتلقى عمله من العالم فهو أصله وأسه وعكس آخرون وقد رويت أحاديث من الجانبين وفيها ما يدل للفريقين قال ابن الزملكاني‏:‏ وعندي أنه يجب التفصيل في التفضيل وأن يحمل على بعض الأحوال أو بعض الأشخاص كل بدليل‏.‏

- ‏(‏ه‏)‏ من حديث عنبسة بن عبد الرحمن القرشي عن غيلان عن أبان ‏(‏عن عثمان‏)‏ بن عفان رمز المصنف لحسنه وهو عليه رد فقد أعله ابن عدي والعقيلي بعنبسة ونقلا عن البخاري أنهم تركوه ومن ثم جزم الحافظ العراقي بضعف الخبر‏.‏

10012 - ‏(‏يشفع يوم القيامة الشهيد‏)‏ في سبيل اللّه ‏(‏في سبعين‏)‏ إنساناً ‏(‏من أهل بيته‏)‏ شمل الأصول والفروع والزوجات وغيرهم من الأقارب ويحتمل أن المراد بالسبعين التكثير وفيه أن الإحسان إلى الأقارب أفضل منه إلى الأجانب‏.‏

- ‏(‏د عن أبي الدرداء‏)‏ رمز لحسنه‏.‏

10013 - ‏(‏يشمت العاطس‏)‏ ندباً على الكفاية لو قاله بعض الحاضرين أجزأ عنهم قال النووي‏:‏ لكن الأفضل أن يقوله كل منهم ‏(‏ثلاثاً‏)‏ أي ثلاث مرات في ثلاث عطسات كل واحدة عقب الحمد قال ابن حجر‏:‏ فلو تتابع عطاسه فلم يحمد لغلبه العطاس فهل يشمت بعد الحمد ظاهر الخبر نعم ‏(‏فما زاد‏)‏ عن العطسات الثلاث فهو مزكوم من الزكام ‏(‏فلا يشمت‏)‏ بعد هذا لأن الذي به مرض لا يقال إذا كان مريضاً فهو أحق بالدعاء من غيره لأنا نقول يندب أن يدعى له لكن غير دعاء العاطس بل الدعاء للمريض بنحو عافية وسلامة وشفاء ونحوه مما يناسب حال المريض ولا يكون من باب التشميت‏.‏

- ‏(‏د عن سلمة‏)‏ ابن الأكوع رمز المصنف لحسنه‏.‏

10014 - ‏(‏يطبع المؤمن‏)‏ أي الكامل ‏(‏على كل خلق‏)‏ غير مرضي أي يجعل الخلق طبيعة لازمة له يعسر تركه يشق مجاهدته أي يخلق عليها من خير وشر، قال الجوهري‏:‏ طبعت الدرهم أي عملته والطباع الذي يعمله ‏(‏ليس الخيانة والكذب‏)‏ أي فلا يطبع عليهما بل قد يحصلان تطبعاً وتخلقاً والطباع ما ركب في الإنسان من جميع الأخلاق التي لا تكاد تزاولها من خير وشر قال الطيبي‏:‏ وإنما كانت الخيانة والكذب منافيين لحاله لأنه حكم بأنه مؤمن والإيمان يضادهما إذ الخيانة ضد الأمانة لا إيمان لمن لا أمانة له والكذب قد مر أنه مجانب للإيمان في غير ما مكان وليس من شرطه أن لا يوجد منه خيانة ولا كذب أصلاً بل أن ‏[‏ص 463‏]‏ لا يكثر منه‏.‏ <تنبيه>

قال ابن مالك في شرح الكفاية‏:‏ من أدوات الاستنثاء ليس وهي على فعليتها وعملها إلا أن المرفوع بها لا يكون إلا مستتراً لأنهم قصدوا أن لا يليها إلا لأنها أصل الأدوات الاستثنائية والمستثنى بها واجب النصب بمقتضى الخبرية من الاستثناء بها هذا الحديث أي ليس بعض خلقه الخيانة هذا التقدير الذي يقتضيه الإعراب والتقدير المعنوي يطلق على كل خلق إلا الخيانة والكذب اهـ وقد ذكروا أن هذه المسألة كانت سبب قراءة سيبويه النحو فإنه جاء إلى حماد بن سلمة فاستملى منه حديث ليس من أصحابي أحد إلا ولو شئت لأخذت عليه ليس أبا الدرداء فقال سيبويه ليس أبو الدرداء فصاح به حماد لحنت يا سيبويه إنما هذا استثناء فقال واللّه لأطلبن علمها ثم مضى ولزم الأخفش وغيره‏.‏